"أيام عراقية " لخالد القشطيني

المقاله تحت باب  منتخبات
في 
23/04/2008 06:00 AM
GMT



يسترجع الكاتب خالد القشطيني ذكريات من عراق زمان من أيام الملك فيصل ونوري السعيد. ذكريات انسانية، اجتماعية، سياسية، ثقافية، متنوعة، متلونة، قد يكون عاشها كل عراقي. او لامسها أي عربي عَرَفَ العراق ونسيجه الثقافي والاجتماعي منذ زمن طويل.
بلهجة ساخرة، تقترب من العراقية المحكية غالباً، يسرد ذكرياته أيام "المسكوف" وهو "السمك المشوي على لهيب الجمر" أكلة شهيرة في العراق، لكن ما يرافقها من مقالب الأصدقاء بعريس في ليلة عرسه. وتنطوي "المقالات" التي تضمها دفتا الكتاب على مشاهد تاريخية هامة، فهو يتحدث عن "الكُفّة" وسيلة النقل النهرية، قبل انشاء الجسور في بغداد، وواقعة في العام 1929 حين احتشد الناس فيها وتعرضت للغرق في نهر دجلة.
وعلى سبيل التندر وربما (المقارنة) يتحدث عن وزير المالية البسيط الحاج عبد المحسن شلاش في حين نعلم كيف هم وزراء المالية في بلادنا العربية. ويتطرق الى نظرة أهل المدينة في العراق الى أهل الريف والعكس، ويتحدث عن الألوان والنظرة اليها المختلفة باختلاف الشعوب.
أما "حبزبوز" الشهير، وهو لقب الصحافي البارع ورائد الصحافة الفكاهية في العراق، نوري ثابت، فيتذكره القشطيني بكثير من الوفاء، حيث استخدم ثابت نبرة السخرية القاسية، وعرف قلمه بالنقد الجارح عبر صحيفة تحمل لقبه الشهير.
ولا بد له من أن يعرّج على الفن و"أيام الهوزوز" ورائدات الغناء العراقي ومجالسهن والاسطوانات التي بدأت تنزل الاسواق منذ العشرينات والملاهي الشهيرة ويتحدث عن ميزة احدى اشهر المغنيات وكيف لقبت بمنيرة الهوزوز واشتهرت به.
ويتحدث عن حب المسلمين للمسيحيات، والتغني بهذا عبر الأغنيات التي باتت ظاهرة في المجتمع العراقي، بداية مع محمد القبنجي واغنية "سودنوني هالنصارى" ثم ناظم الغزالي في موال "سمراء من قوم عيسى" وغيرها الكثير مما كان يثير بعض الجدل، في بعض الأوساط، خاصة المتطرفة، لكن ايضا لها دلالة التعايش بين المسلم والمسيحي بشكل طبيعي ومن دون مشاكل تذكر الا فيما ندر.
وبكثير من الطرافة يذكر حادثة الملك فيصل ورئيس وزرائه نوري السعيد حين استأجرا مركباً في دجلة من دون معرفة سائق (البلم) هويتهما. وبالطبع لا بد من أن يأتي القشطيني باراء خاصة يخالف بها آخرين، فهو يعتبر "المتنبي"، لوطياً ويسوق الدليل (أو التحليل): ويقترح مثلا، على سبيل السخرية الجارحة، ان تعرض ادارة العراق لمناقصة عالمية باسم "عطاء لادارة أراضي وسكان بلاد ما بين النهرين" طالما الجميع يتنازع اليوم على ادارة العراق.
ويستعرض "طبّالي" رمضان، و"حمامات" بغداد وانقراضها، والبعد التاريخي للطائفية في العراق وتناول ظاهرة قمع العراقيين لبعضهم البعض وكرههم وحسدهم، من خلال تجربته المريرة في الصحافة. كتاب يستحق القراءة لمعرفة الكثير من العادات، والتقاليد، والفكر العراقي خلال سنوات طويلة حملت الكثير من التغييرات والرياح العاتية التي اثرت في مزاج العراقي، وثقافته، وايمانه، وعاداته الاجتماعية وصولاً الى ثقافة العنف، والارهاب. هو اقرب الى نقد ذاتي لاذع، وتذكر "لأيام حلوة، ايام التسامح والمحبة.. وفاتت".
يتضمن الكتاب مواضيع عدة تقع في 191 صفحة من القطع الوسط ، وهو من اصدار كل من "الدار العربية للعلوم ناشرون" و"المجلس العراقي للثقافة"